لم يعد هناك شك أو مجرد تكهن بان المُستقبل المالي والتجاري والاقتصادي الدولي هو على طريق التغير الحتمي، فهناك ما يُشبه ثورة اقتصادية جديدة قد يكون قائدها الفعلي هو الرئيس الأمريكي الحالي “دونالد ترامب” فالرجل جاء برؤية جديدة كُلياً للاقتصاد العالمي والتجارة الدولية، واستبدل حالة التكامل التجاري بين الاقتصاديات العالمية والتي صنعتها العولمة التجارية لسنوات، لحالة جديدة قديمة وهي الصدام التجاري المستمر وليكن البقاء للأقوى.
فالجميع بانتظار نتائج اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والتي من المُقرر لها أن تتم غداً الأربعاء 31 يوليو، لينتظر الجميع قرار الفيدرالي والذي يتوقع أن يكون نحو تخفيض الفائدة وان لم يكن هذا مُؤكداً حتى الساعة، ويُمارس الرئيس الأمريكي ضغوطاً غير مسبوقة من رئيس للولايات المتحدة ضد مؤسسة مالية أمريكية مُستقلة تماماً عن سلطة البيت الأبيض ليس فقط لخفض الفائدة بل يُطالب الاحتياطي الفيدرالي بخفض كبير للفائدة لمواجهة السياسات المالية للبنوك المركزية اليابانية والصينية.
ولكن ماذا يعني خفض الفيدرالي الأمريكي للفائدة؟ هو ببساطة يعني دولار ضعيف يُشجع نمو المنتج الأمريكي في مواجهة المنتجات الصينية والأوروبية ويجعل منه منافس قوي في ساحة التجارة الدولية كما يرى ترامب، وبالتالي فإن قرار بخفض الفائدة يعني انهيار متوقع بأسعار الدولار، وقرار بالتثبيت أو الرفع يعني نقاط إيجابية في صالح قوة الدولار مقابل سلة العملات الدولية.
ثم نأتي للجنيه الإسترليني والذي هوت بقيمته اليوم تصريحات من رئيس الوزراء البريطاني الجديد “بوريس جونسون” والذي أكد أن مسالة انسحاب بريطانيا من تكتل الاتحاد الأوروبي أمر محسوم لا نقاش حوله، حتى ولو فشلت المفاوضات بشأن اتفاق جديد يُبرم بين بلاده وبين الاتحاد الأوروبي بشان عملية الانسحاب، تلك التصريحات أثارت حفيظة الاسكتلنديين المُعارضين تمامًا لعملية الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، بل ووصل الأمر إلى التهديد من قبلهم بعقد استفتاء جديد للانفصال عن بريطانيا العظمى.
كان من شان تصريحات “جونسون” وما ترتب عليها من الموقف الاسكتلندي أن عقد وبشدة من موقف الجنيه الإسترليني أمام سلة العملات، فضلاً عن مخاوف من أن يتأثر اليورو سلباً من عملية انسحاب تكتل اقتصادي ضخم مثل الاقتصاد البريطاني من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق مُسبق مُنظم يُراعي جميع أوجه أركان اقتصاد تجمع في تكتل واحد لسنوات ويعني انفصاله بتلك الطريقة انهيار تام في قيمة العُملات الأوروبية كافة.
إن اجتماع الفيدرالي الأمريكي، وما قد يتمخض عنه من نتائج، بالإضافة لتصريحات رئيس وزراء بريطانيا الأخيرة، كليهما يصنع مُستقبل أسعار سلة العملات الدولية، بل ويُشكل منظومة جديدة تمامًا لأسعار تلك العُملات قد نشهدها في القريب العاجل.