متى ينخفض سعر الحديد في مصر، هو السؤال الذي بدأ يفرض نفسه على ساحة مواد البناء والسوق العقارية المصرية بعد أن شهد سعر طن الحديد بالسوق المصرية ارتفاع مفاجئ تراوح في مُجمله من 150 حتى 250 جنيه زيادة بسعر الطن الواحد بمختلف المصانع المُنتجة للحديد محلياً بمصر، وما أثار حفيظة وتساؤل السوق هو أن سعر طن الحديد قد تهاوى فعلياً مع بداية شهر نوفمبر 2019 بمعدلات قاربت 1500 جنيه للطن الواحد، ومن ثم بعد التراجع الكبير ونُذر الارتفاع الذي قد يُحدث بشكل مُفاجئ ودون مُقدمات أو ربما في بعض الأحيان مبررات جاء السؤال حول توقع سعر الحديد في مصر وبات الكثيرون يسألون عن موعد انخفاض سعر الحديد مُجدداً بعد الزيادة الأخيرة.. فهيا بنا وفق آراء السوق وتحليلات الخبراء وأهل الصناعة نفسها نوضح لكم مشهد سعر الحديد بمصر بالمستقبل القريب، ومتي ينخفض ومتي من المُتوقع أن يرتفع.
موعد انخفاض سعر الحديد في مصر ومتى يُمكن أن يرتفع
الإجابة على تلك التساؤلات يتطلب توضيح عدد من النقاط الهامة، إن المُحدد الأول لتكلفة تصنيع الحديد ومن ثم تحديد سعره هو تُراب الحديد أو ما يُعرف بخام “البليت” فهو العنصر الأساسي لتصنيع الحديد وصهره، وفي مصر فقط ثلاث مصانع يُصنعون خام البليت لاحتياجات التصنيع الخاصة بيهم فقط وباقي مصانع مصر تستورد تلك الخامة من الخارج، ومن ثم هناك فروق كبيرة في التكلفة بين المصانع القادرة على تصنيع خام البليت وتلك التي تستورده من الخارج، وعليه أي فرض للرسوم على البليت يعني رفع أسعار الحديد.
وللمفارقة أن المصانع التي تُصنع خام البليت في مصر ومن ثم تتحمل تكاليف إنتاج أقل هي الأعلى سعراً بالسوق تحت ذريعة أن السوق عرض وطلب وبالتأكيد يسعون لمزيد من الربح، النقطة الثانية الهامة أن الخردة ومادة الجرافيت هما عنصران أساسيان لتصنيع البليت، لكن كل من الخردة والجرافيت لا يمكن إنتاجهما بمصر بل يتم استزادهما من خارج البلاد من دول تمتلك مناجم لهما مثل الصين والهند وأوكرانيا وتركيا واليابان وروسيا، ومن ثم المصانع التي تُصنع البليت تضطر أيضاً لاستيراد الخردة والجرافيت من السوق الخارجية.
وعليه نحن أمام عُنصران أساسيان يتحكمان في سعر الحديد في مصر اليوم ومُستقبلاً، وهما أسعار المواد الخام الأساسية في تصنيع الحديد ونعني بذلك الأسعار العالمية لهما والعنصر الثاني الأساسي سعر الدولار الأمريكي في مصر مُقابل الجنيه المصري، وتؤكد الأسواق انخفاض بسعر البليت والخردة عالمياً بل وتؤكد البيانات أن سعر الطن للحديد عالمياً أصبح دون 500 دولار وبالمقارنة بسعر الدولار في مصر فإن السعر العادل للحديد بالسوق المحلية يتراوح من 8000 حتى 8500 جنيه للطن في حين أن السعر الحالي يتراوح من 10000 لسعر 10450 جنيه للطن أي بزيادة تتراوح من 2000 إلى 2500 جنيه عن السعر العالمي.
وهنا إن توقع تراجع سعر الدولار محلياٌ بمصر حتى نهاية 2019 مع التراجع العالمي الحادث بأسعار البليت والجرافيت بسبب تراجع النمو التجاري العالمي والركود بقطاع الحديد دولياً، يؤكد أن انخفاض جديد بسعر الحديد داخل مصر قد يحدث مع نهاية هذا العام وبداية الشهرين يناير وفبراير من العام الجديد 2020.
متى يرتفع سعر الحديد في مصر
إن قرار البنك المركزي الأخير بخفض الفائدة والذي من المتوقع أن يعقبه قرارات تيسيريه أخرى في منح القروض وزيادة السيولة المتاحة بالسوق قد يدفع القطاع العقاري بدءٍ من مارس 2020 لرواج ونشاط كبير يعقبه زيادة الطلب على الحديد، ومع زيادة الانفاق الاستهلاكي نتيجة خفض الفائدة وتيسيرات القروض قد يزيدان من الضغط على طلب الدولار وارتفاع سعره مُجدداً.
وهنا حتى وإن لم تشهد أسعار خامات تصنيع الحديد من البليت والجرافيت ارتفاعاً عالمياً وهو أمر غير محسوم حيث من الممكن مع اتفاق تهدئة بين العملاقين التجاريين الصين والولايات المتحدة تنتعش السوق العالمية ويرتفع توقع زيادة معدل النمو الصناعي والتجاري عالمياً، لكن حتى وان لم يحدث ذلك فإن زيادة الطلب المتوقع على الحديد بدء من مارس 2020 مع الزيادة المتوقعة بسعر الدولار مُقابل الجنيه هذا كله قد يدفع سعر الحديد المحلي بمصر بدءٍ من تلك الفترة للصعود والارتفاع مرة أخرى.