منذ أن وقع السوق العالمية واقتصاديات كافة دول المعمورة بكافة مستوياتها بداية من النامية منها إلى المُتقدمة أسيرة لجائحة كورونا ثم التوترات السياسية والعسكرية في شرق أوروبا، وكافة البنوك المركزية تكافح مُعدلات التضخم الذي أصبح الشبح المُهدد لرفاهية واستقرار كافة الاقتصاديات مهما كانت قوتها.
وعلى درب قرارات البنوك المركزية بالعالم بعد قرار الفيدرالي الأمريكي وكذلك البنك المركزي البريطاني برفع الفائدة، جاء قرار البنك المركزي المصري كذلك برفع الفائدة بنسبة 2% على كل من الإقراض والإيداع، وبات السؤال الأهم منذ الساعة الأولى وربما سبقها لاجتماع المركزي المصري هو ماذا يعني رفع سعر الفائدة وما تأثير ذلك على أسعار السلع وأيضاً سعر الدولار مُقابل الجنيه.. وبالتفاصيل ينقل لكم موقعكم ماركتنا الرؤية الكاملة حول الإجابة المُختصرة على هذا التساؤل الذي أصبح يسود الساحة الاقتصادية بمصر الآن.
ماذا نعني بالتضخم
قبل أن توضح ماذا يعني قرار رفع سعر الفائدة، وما هو تأثير هذا القرار على سعر صرف الدولار مُقابل الجنيه، لابد من مدخل هام نوضح من خلاله ما هو مفهوم التضخم، فلو تعرفنا بدقة على المفهوم الذي يعني بيه الاقتصاد أننا في حالة تضخم، سوف نتفهم جيداً لماذا تلجأ البنوك المركزية الآن حول العالم لرفع سعر الفائدة.
التضخم الاقتصادي: هو باختصار تضخم الأسعار الناتج عن تضخم مُعدلات الطلب على السلع والذي يُقابله نقص في الإنتاج ومن ثم نقص المعروض، وهذا بدوره يُفقد العُملة الوطنية كذلك قيمتها وقوتها الشرائية، ومع جائحة كورونا وما عقبها من توترات عسكرية بشرق أوروبا عانت سلاسل الإمداد بكافة السلع الإستراتيجية حول العالم من التراجع والنقص.
وهذا بدوره جعل كافة الأسواق العالمية تُعاني من نقصٍ حاد من المعروض من السلع يُقابله مستويات من الطلب هي على أقل تقدير بنفس مُعدلاتها، ولكن ما تغير أن المعروض تراجع وبشدة، فتسيد الاقتصاد العالمي موجات تضخم عاتية.
فلماذا تلجأ البنوك المركزية لمواجهة التضخم ومواجهة تراجع قيمة العُملة بقرارات تصب في رفع مُعدلات الفائدة على الإقراض والاقتراض، هذا ما سوف نوضحه بالإجابة على سؤال ماذا يعني رفع سعر الفائدة.
ماذا يعني رفع سعر الفائدة
عموماً إن رفع سعر الفائدة هو أداة هامة للبنوك المركزية لمواجهة التضخم، فمع رفع سعر الفائدة على الاقتراض والإقراض سوف تنسحب السيولة النقدية الموجهة للاستهلاك في السوق إلى الادخار، حيث ترتفع تكلفة الاستهلاك وترتفع قيمة وعوائد الادخار.
وكذلك مع رفع الفائدة على الإقراض سوف ترتفع تكلفة الإنتاج ومن ثم تقل مٌعدلات الاستهلاك ويتراجع التضخم ثم تتراجع الأسعار، باختصار البنوك المركزية تهدف بقرار رفع الفائدة من سحب أكبر شريحة من النقد لداخل البنوك للادخار بدل توجهها للاستهلاك الذي يرفع الطلب وسط نقص العرض وهذا ما يرفع مُعدلات التضخم.
تأثير رفع سعر الفائدة على سعر الدولار
كقاعدة عامة، عندما يرفع أي بنك مركزي مُعدلات الفائدة ترتفع معها قيمة العُملة الوطنية في مواجهة الدولار، والسبب أن التضخم يقل والطلب على الدولار معه يقل خاصة في الأسواق التي تعتمد على الاستيراد الخارجي، أضف أن الأموال الساخنة تنجذب نحو مُعدلات فائدة أعلى مما يرفع مُعدلات ونسب الاحتياطي من النقد الأجنبي.
وعليه فقرار المركزي المصري برفع سعر الفائدة بُعيد قرار الفيدرالي الأمريكي برفع سعر الفائدة والذي بدوره رفع من سعر الدولار أمام كافة العُملات بما فيها الين الياباني واليورو كان قرار متوقع ومنطقي للغاية، وبلا شك سيكون له تأثير في كبح جماح صعود الدولار أمام الجنيه المصري.
ولكن ورغم أن رفع سعر الفائدة قد يكون أداة لمواجهة تراجع قيمة العُملة الوطنية ورفع قيمتها كذلك أمام الدولار، إلا أن الوضع العالمي الحالي الضاغط على كافة الأسواق وليس فقط السوق المصرية مع توقعات بأن يُقبل الفيدرالي الأمريكي على قرارات برفع جديد لسعر الفائدة سوف يصعد بسعر الدولار عالمياً وليس فقط محلياً أمام الجنيه المصري.
وبلا شك أن قرار المركزي المصري حالياً هو الحل الفعلي المُتاح لمواجهة ما يمر بيه الاقتصاد العالمي من موجات تضخمية، إلا أن تكامل جميع العوامل من عودة سلاسل التوريد والإنتاج لمستوياتها وتخطي العالم لأزمة الغذاء الحالية وكذلك التغلب على غول التضخم الذي لا يتوقف هو الضمانة الفعلية لعودة الأمور لنصابها واستقرار أسعار صرف العُملات أمام الدولار.
أما مع تدهور الأوضاع العالمية ومع مزيد من تأزم الوضع الاقتصادي العالمي وتراجع النمو ورفع الفيدرالي المُستمر لمستويات الفائدة، وارتفاع مُعدلات التضخم ومن ثم الضغط على الدولار وزيادة الطلب عليه فهذا سوف يؤدي لمزيد من الصعود بسعر العُملة الأمريكية ربما يتطلب الأمر مزيد من الرفع لمُعدلات الفائدة من قبل البنوك المركزية حول العالم.