حرب تجارية أعلنتها واشنطن من طرف واحد ضد جميع الاقتصاديات العالمية المُنافسة لها حتى ولو كانت من دول صديقة وحليفة مثل كندا ودول الاتحاد الأوروبي، فما بالك إذا كان الأمر يتعلق بروسيا والصين، فلقد كانت القرارات الأمريكية بقيادة الرئيس الحالي دونالد ترامب ضد التجارة الدولية الصينية تحديداً قاسية لأبعد حد، وهذا ربما دفع كل من موسكو وبكين إلى التخوف والحذر الشديدين من أن تكون واشنطن عازمة على إخراجهما من المشهد التُجاري والاقتصادي العالمي كلياً .
وربما ما زاد من هذا التخوف وبشكلٍ هستيري ما أقدمت عليه الولايات المتحدة من قرارات مباشرة ومُدمرة لشركة هواوي الصينية، إلى الحد الذي دفع الرئيس الروسي اليوم في كلمته خلال القمة التي جمعته بنظيره الصيني بمنتدى بطرسبورغ الاقتصادي، من أن يصف السلوك الأمريكي تجاه ” هواوي ” بغير العادل والمُجحف وأكد أن الهدف لم يكن فقط التضييق على هواوي بل الهدف الفعلي إخراجها بشكل كامل من السوق الدولية بطريقة تفتقد للعدالة .
لم تتوقف مواقف الرئيسين الروسي والصيني عند حد النقد والانتقاد، بل أفرز اجتماع منتدى بطرسبورغ بينهما تكاملات اقتصادية كبرى واستثنائية بين البلدين، إلى الحد الذي أعلن من خلاله الرئيس الروسي أن الصين على استعداد كامل لتقاسم منظومة التكنولوجيا مع الشركاء .
هذا التطور بمفهوم العلاقات التجارية بين موسكو وبكين وتحت تأثير الوضع الجديد الذي فرضته الولايات المتحدة على العالم بمحاولة الهيمنة بشكل منفرد على السوق التجارية العالمية، دفع وبلا شك أكبر قوة تجارية بالعالم بالتحالف مع القوة العسكرية الأكبر بعد الولايات المتحدة من التحرك نحو تحالف اقتصادي مضاد لنفوذ واشنطن قضى تماماً وإلى الأبد على مفهوم عولمة التجارة وحريتها إلى مفهوم جديد وهو أقاليم تجارية واقتصادية متضادة .
وهذا التحول الذي فرضه اجتماع مُنتدى بطرسبورغ بعد أجواء الحرب التجارية من قبل الولايات المتحدة، من أن يتحول العالم من حرية التجارة إلى أقاليم اقتصادية كُبرى تتنافس وتحارب بعضها بعضاً هو أخطر ما يمكن تصوره لنظام عالمي تجاري جديد .