وضع متأزم لأبعد الحدود، هذا ما يمكن أن يتم توصيف الاقتصاد العالمي وما يعانيه خلال تلك الحقبة الزمنية، وتجلت مشاهد الأزمة في حالة عدم الاستقرار بكافة العوامل المالية التي تُشكل البنيان الاقتصادي العالمي، وربما كانت البداية والنقطة الفعلية للاشتعال هي الحرب التجارية المستندة على فرض الرسوم والفرض المقابل للرسوم التجارية بين واشنطن وبكين، ويوماً بعد يوم تتحول المناوشات بين البلدين إلى واقع اقتصادي وتجاري متأزم، ويتحول الأمر برمته إلى ما يشبه حريق انتشر بكل مكان ولا يجد الكم الكاف من رجال الإطفاء للتعامل معه.
فالتصورات المالية المتنامية من مخاوف حقيقية من أن تؤدي سياسات الولايات المتحدة تجاه الاقتصاد الصيني إلى ضعف في النمو التجاري والنمو الصناعي بالعالم جعل الإقبال على الاستثمار في الأسهم يتضاءل ويتراجع، وهذا وببساطة يعين خسائر فادحة بمليارات الدولارات يومية أصابت الشركات العالمية وربما في مقدمتها شركات أميركية كبرى، ولكن حتى الآن أثبتت نتائج تلك الحرب أن واشنطن ورغم تأثرها بتراجع النمو إلا أنها أقل الاقتصاديات الكبرى تأثر بنتائج الحرب التجارية، وذلك بفضل الإنفاق الاستهلاكي الضخم للمواطن الأمريكي.
وظل التساؤل التالي، إذا كان ما يحدث سوف يقلص النمو، وبالتالي سوف يوجد واقع من أزمة مالية فعلية تقترب رويداً رويداً من الاقتصاد العالمي، فما هي أقرب الدول لهذا السيناريو الاقتصادي المُخيف، وجدنا من واقع مؤشرات النمو أن هناك دول أربع لاقتصاديات كبرى منافسة للاقتصاد الأمريكي سوف يصيبها الركود العالمي المتوقع بالعام 2019 أول ما يُصيب.
وتلك الدول هي بالترتيب الصين التي أكدت البيانات الرسمية الصادرة عنها، أن نموها الصناعي تراجع لمستويات لم تشهدها بكين منذ سبعة عشر عام، ثم تليها ألمانيا التي أكدت بيانات صادرة عن الحكومة الألمانية أن برلين حققت نمو هزيل غير مسبوق بالعام 2019 ونفس الوضع انطبق على المملكة المتحدة كثالث الدول، وأخيراً ايطاليا التي تراجع فيها النمو الصناعي والاقتصادي رغم أنها ثالث اقتصاد أوروبي من حيث القوة.