اجتمعت جميع العوامل المُرجحة لحدوث تراجعاتٍ بأسعار النفط نتيجة ما يمر بيه العالم من تباطؤ مشهود بالنمو الاقتصادي خلفه حرب الرسوم والتعريفات الجُمركية بين اقتصاديات العالم الكُبرى الأوروبية منها والصينية ضد الحرب التجارية التي بدأتها الولايات المتحدة منذ وصول الرئيس ترامب للبيت الأبيض ضد تلك الدول، وكان هناك رأي يرى أن التوترات السياسية المُشتعلة بمنطقة الخليج بين إيران من جانب وجيرانها والولايات المتحدة وبريطانيا من جانبٍ أخر سوف تُعزز المخاوف من نقص المعروض النفطي ومن ثم تتجه أسعار الذهب الأسود نحو صعود كبير تحت تأثير تلك المخاوف.
لكن ما حدث حِيال هذا التصور، أن تباطؤ النمو الاقتصادي كان أقوى تأثيراً بالفعل ليمنع هذا الصعود الكبير بأسعار النفط والذي حدث تاريخياً من قبل نتيجة التوترات السياسية بالشرق الأوسط مثل حرب أكتوبر 73 أو حربي الخليج الأولى والثانية، فالعالم أمام حقيقة مفادها أن مؤشرات النمو الصناعي سواء بالاتحاد الأوروبي أو الصين أو حتى الولايات المتحدة في تراجع.
ومع هذا الواقع الذي لا يمكن نُكران تأثيره في كبح جماح أي طفراتٍ سعريه قد تحدث بأسعار النفط نحو صعود كبير يُضاهي الارتفاعات التاريخية الناجمة عن أي توتر ولو بسيط أو متوقع بالخليج، ارتفعت بالفعل أسعار النفط نهاية الأسبوع الماضي على عكس كل التوقعات .. فما هو السبب؟!
حيث سجل خام برنت في ختام جلسات الأسبوع المُنصرم سعر 63.46 دولار بزيادة قدرها 1.7%، وسجل خام غرب تكساس الأمريكي سعر 56.20 دولار، بزيادة 1.2%، وجاءت تلك الزيادات نتيجة تقارير أكثر من متفائلة نحو الاقتصاد الأمريكي، وفي حقيقة الأمر لم يكن سبب تلك التقارير توقعاتٍ ايجابية نحو نمو الاقتصاد الأمريكي، بل كانت تلك التوقعات أساسها حدوث طفرة ملحوظة في الإنفاق الاستهلاكي داخل الولايات المتحدة، وهذا جعل من توقع زيادة الطلب على النفط في الفترة الحالية واقع عملي دفع أسعاره للصعود مع ختام تعاملات الأسبوع رغم التباطؤ الاقتصادي العالمي.