ظلت دوماً أسعار الدولار عالمياً تخضع لعوامل ثابتة وراسخة وفق منظومة مُتكاملة تتحكم في سعر الورقة الخضراء عالمياً، ولم تبتعد يوماً تلك المؤثرات على أسعار الدولار عن معدل الفائدة والذي يتم إقراره مع كل اجتماع للفيدرالي الأمريكي، والذي يقود الدولار للانخفاض إذا تم تخفيض الفائدة أو يقود الدولار للصعود إذا تم اتخاذ قرار من قبل الفيدرالي برفع الفائدة أو في بعض الأحيان تثبيتها.
ثم يأتي العامل الأخر وهو بجانب معدل الفائدة يؤثر وبقوة على سعر الدولار عالمياً، ويتمثل هذا العامل في وضع الأسهم بالبورصات الأمريكية، فالأسهم مُعبر قوي للغاية عن وضع النمو الاقتصادي الأمريكي، فكلما ارتفعت قيمة الأسهم دل ذلك وبوضوح أن النمو الاقتصادي داخل الولايات المتحدة في أحسن حالاته ومن ثم يُساهم ذلك وبقوة في وضع العُملة الأمريكية في مكانة مُتقدمة، والعكس بالعكس أن ضعف أداء الأسهم الأمريكية ينعكس سلباً على سعر وقوة الدولار الأمريكي.
ويأتي العامل الثالث والذي يرتبط ويؤثر في نفس الوقت على سعر الدولار، وهو سعر الذهب، فالذهب كالدولار وكالأسهم ملاذات آمنة تجد أن الدولار والأسهم الأمريكية في وضع تنافسي دائم مع المعدن الأصفر، وكلما كان الذهب في وضع أفضل كان كل من الدولار والأسهم في المربع الأضعف، وكلما كان الذهب متراجعاً صب ذلك في صالح قوة العملة الأمريكية.
كانت تلك العوامل التي دوماً وعلى مر التاريخ ووفق القواعد المالية والاقتصادية والسوقية تُمثل التأثير الأكبر والمباشر على سعر الدولار عالمياً، ولكن وخلال الشهور الستة الأخيرة من العام 2019 نستطيع أن نؤكد أن سعر الدولار أصبح يتأثر بعوامل جديدة جميعها مرتبط بالأساس بنتائج الحرب التجارية بين الولايات المتحدة كأول وأكبر اقتصاد بالعالم والصين كثاني أكبر اقتصاد على الإطلاق بعد الاقتصاد الأمريكي، وجميع القرارات المرتبطة بتلك الحرب تأتي بتأثير مباشر وكبير على الدولار بشكل قد يفوق العوامل التقليدية المؤثرة على أسعاره.
وهنا نستطيع أن نؤكد، أن طالما أمر تحديد سعر العملة الأمريكية قد تخطى العوامل التقليدية الثابتة والمؤثرة على أسعار العملات عموماً والدولار خصوصاً، إلى عوامل أقرب للموازنات السياسية وحروب عض الأصابع بين الدول، هنا نؤكد أن توقع أسعار الدولار ووفق تلك العوامل المستحدثة سوف يخضع الشهور القادمة لحالة من التذبذب الكبير صعود وهبوط ولكن تظل القاعدة في 2019 أن الدولار لن يترفع ارتفاعاتٍ قياسية كبيرة حتى لو تعافى لبعض الوقت، فالإرادة الأمريكية متمثلة في رؤية الرئيس الحالي للولايات المتحدة ترى وترغب في دولار ضعيف، وهذا عامل أخر مُضاف ومُستحدث أن تتدخل إرادة ورؤية البيت الأبيض في رسم سياسة الاحتياطي الفيدرالي.. مما يُعطينا انطباع أن سعر الدولار في 2019 مُتأرجح وبشدة ولكنه لني يتغول ويرتفع لمستويات قياسية.